مشوار الالف يبدأ بخطوة

د. مفتاح اطويلب

تتسابق دول العالم نحو تحقيق أعلى المعايير الدولية في مجال الرعاية الصحية وذلك من خلال اصدار القوانين المتعلقة بالأنظمة الصحية الضامنة والتخطيط السليم المبني على البراهين والبيانات لتحقيق مستهدفات التغطية الصحية الشاملة لمواطنيها.

لا يخفى على أحد ان النظام الصحي في بلادنا يعاني من الترهل والضعف الهيكلي، واتساع الفجوة بين الطموح او حتى الرضى والمتاح، نظام ملئ بقلة الاستخدام في بعضه وسوء الاستخدام أو زيادة الاستخدام في بعضه الأخر، مصمم للعناية المتقطعة أو المنفصلة، الأمر الذي أثر سلباً على قدرته في تقديم الخدمات الصحية بشكل يتماشى مع احتياجات المواطنين، ولعل حالة الانقسام وتشتت الموارد وغياب الرؤية الواضحة لحل المشكلات وقدم ونقص التشريعات أسهم في تفاقم الأزمة.

ومن هذا المنطلق وسعيا من الحكومة الليبية وادراكا منها لأهمية تحقيق نظام صحي متطور يليق بالإنسان الليبي في كافة ربوع الوطن بما يضمن تقديم افضل الخدمات الصحية الشاملة له سعيا لمستهدفات الامان الصحي, فقد قررت استحداث مركزا وطنيا يعني بتطوير النظام الصحي في البلاد وفقا لقرار دولة رئيس مجلس الوزراء رقم 421 لسنة 2024 يهدف لحصول كل مواطن ليبي على رعاية صحية عالية الجودة واستدامتها كحق باعتبار أن الصحة ليست قضية تتعلق بالرفاهية الشخصية فحسب بل هي مسألة أمن قومي وهذا بطبيعة الحال لا يتأتى الا من خلال جهود طموحة تدعم تطوير النظام الصحي في ليبيا ليكون رافدا أساسيا لمستهدفات التنمية الشاملة, تنمية صحية جادة تأتي بعد تقييم الوضع الصحي الحالي يؤسس علي تعزيز الرعاية الصحية الأولية, والعمل على تعبئة الموارد محليا وإقليميا ودوليا لدعم تطوير نظام مدروس وفق خطط ودراسات عميقة بتعاون وثيق مع مراكز البحوث والدراسات في الجامعات الليبية والمؤسسات الوطنية والبلديات المحلية ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الخدمات الطبية الخاصة والاهلية و كذلك الاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة في مجالات الرعاية الصحية, والعمل على إنشاء منصة احترافية لتبادل المعرفة والخبرات والمشاركة المجتمعية بالإضافة لتعميق سبل الشراكة المميزة مع كافة المؤسسات الوطنية والدولية المتخصصة في هذا المجال سعيا لتحقيق الرفاهية الصحية للمجتمع الليبي وتعزيز الشعور بالملكية والرفاه الاجتماعي للمواطن وتنفيذ البرنامج الوطني للرعاية الصحية الشاملة والارتقاء بالمنظومة الصحية التي تضمن تحقيق خدمات صحية متطورة ومتكاملة لكل فرد يعيش علي هذه الارض الطيبة بعدالة وكفاءة عالية وفق معايير الجودة و تفعيل نظام الإحالة من مراكز الرعاية الصحية الأولية للمستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة بما يحقق أهداف التنمية المستدامة .

المشروع الطموح هو رؤية شاملة لبناء النظام الصحي، يعتمد على تكاتف الجهود تلبية لطموحات ليبيا الواعدة لتحقيق تحول جذري في تقديم الخدمات يكون فيه المواطن محور الاهتمام دون تحمله أعباء التكاليف. وهو مشروع متوسط إلى طويل المدى، قائم على الشراكة بين مختلف قطاعات المجتمع، حيث تُدار الخدمات محليًا، بينما يتولى المركز دور التخطيط والإشراف والمتابعة, سائلين الله التوفيق لخدمة المواطن الليبي في كل أرجاء بلادنا الحبيبة.